البرنامج الانتخابي لحزب الله لدورة الانتخابات النيابية للعام 1996 م.

من موقع التمثيل الشعبي مع ما يعنيه من ابعاد ومسؤوليات شرعية ووطنية واخلاقية ، ومع ادراكنا التام لحجم التعقيدات والعقبات

التفاصيل


البرنامج الانتخابي لحزب الله  1996

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين )

                                                           صدق الله العظيم

أيها اللبنانيون الأوفياء :

استمرارا في نهجنا السياسي الذي يرتكز إلى القيم الإلهية ، والتزاما بانتمائنا الحضاري الرحب بكل ما فيه من تنوع وغنى وإعلاء لقيمة الإنسان وفي إطار من التكامل والتوحد ، وانطلاقا من تعهدنا الأكيد بمصالح الشعب اللبناني في تحرير أرضه في الجنوب والبقاع الغربي ، وفي صون أمته وحقه في حياة كريمة وعيش لائق كما في تطلعه إلى مجتمع سياسي أكثر توازنا وعدالة وأقدر على استيعاب مكامن الخلل الداخلية ومواجهة التحديات الخارجية ، والى مجتمع أكثر استقرارا .

نستكمل مسيرة العطاء التي لا تعرف حدودا ، عطاء الدم وصدق المواقف والكلمة الجريئة والسلوك السياسي النزيه الذي يلتمس التغيير بدل الرضوخ للأمر الواقع ، ويتجاوز التوازنات بدل السقوط تحت وطأتها ، وينشد وطنا فوق الطائفيات ، ودولة بلا استئثار واختزال ، وإنماء بلا تمييز ، ومشاركة بلا اقصاء وتغييب .

وعلى ضوء قراءة واعية لحجم المخاطر والتحديات التي يحفل بها الواقع الاقليمي نتيجة سياسات التسلط الامريكي والارهاب الصهيوني

ومن موقع الادراك العميق للمرحلة التاريخية التي يمر بها وطننا ، في ظل تعثر انتاج حياة سياسية سليمة ، وفي ظل النتائج المخيبة لاداء مؤسسات الدولة ومحاولات تطويرها المزعومة ، وأمام تراجع حالة البلاد الناتجة عن تضافر عوامل عدة تنبع من الطبيعة المختلة للنظام السياسي اللبناني ومن ممارسات خاطئة لاهل السلطة أدت الى تعميق واقع الفساد والمحسوبيات وهجرة الكفاءات وتثبيت الانقسامات الطائفية والمذهبية والمناطقية

على ضوء ذلك كله وبعد سنوات أربع ، كان لنا فيها شرف الاسهام في خدمة اللبنانيين من الموقع النيابي ، نخوض اليوم الانتخابات النيابية المقررة بمسؤولية ثابتة واصرار أكبر على حمل الامانة التي حملنا أياها شعبنا اللبناني العزيز لنستكمل مسيرة كل الشهداء الابرار الذين قضوا دفاعا عن ترابنا المقدس وعن كرامة شعبنا وحريته ومستقبله ورفاهيته … وفي طليعتهم سيد شهداء المقاومة الاسلامية السيد عباس الموسوي وشيخ شهدائها الشيخ راغب حرب ( رضوان الله عليهم )

وكما كان سيبقى حزب الله باندفاع أكبر ومسؤولية متزايدة حزب المقاومة والتحرير ، حزب الصمود والبناء ، وحزب التغيير نحو واقع أفضل ، وفقا للبرنامج التالي :

أولا ـ مقاومة الاحتلال :

لقد أكدت المقاومة الاسلامية عبر مسارها الجهادي التحريري ومنجزاتها الميدانية والسياسية والتي كان من ابرزها الثبات والانتصار في حربين ، تموز 1993 ونيسان 1996 ، أنها الخيار الاوحد لتحرير عزيز بلا شروط وأثمان تنال من السيادة والمقدرات والحقوق ، وأنها عنصر توحيد وعزة للبنانيين وضامن رئيسي لأمنهم وحضورهم الاقليمي والدولي ، وعليه فإننا نؤكد التالي :

-اننا سنعمل على استمرار المقاومة بقوة وفاعلية حتى تحرير أرضنا المحتلة كاملة واعادتها الى السيادة الوطنية ، وفك اسر أهلنا في الشريط المحتل وتأمين الحياة الحرة والعيش الكريم واللائق لهم بعيدا عن أي حضور مباشر أو غير مباشر للصهاينة الغاصبين ، كما سنعمل على مواجهة منطق المفاوضات المسرحية التي تبتغي تثبيت موقعية اسرائيل على حساب أهل الارض .

-ستبقى حماية المدنيين اللبنانيين في صلب اداء المقاومة ، باعتبارها هدفا جوهريا ودورا رئيسيا تؤديه المقاومة بحكمة ووعي ومسؤولية .

   - سنسعى بكل حرص على أن يبقى الشعب اللبناني بكل طوائفه وفئاته وبنيه ، حاضن للمقاومة وقاعدتها التي تستمد منها قوة وحضورا ، ولن يكون التحرير المنشود باذنه تعالى إلا هدية للبنانيين جميعا ، واسهاما رئيسيا في بناء وطن ذي سيادة كاملة ودولة ذات اعتبار وتقدير في ساحة الصراع الاقليمي والدولي

   -سنواصل السعي لتحقيق المزيد من انخراط الدولة الفعال في عملية التحرير واحتضان المقاومين والاسرى والمعتقلين وعوائل الشهداء وتأمين مقومات الصمود عبر انشاء وتطوير مؤسسات تعنى بذلك ودعم كل عمل يصب في خانة محاربة التطبيع والغزو الثفافي ، فضلا عن رفض أي شكل من اشكال الصلح مع العدو

ثانيا ـ تحقيق المساواة وبناء الدولة العادلة :

إن تحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين يعتبر من الركائز الاساسية لبناء وطن مستقر ، عزيز ومزدهر ينخرط اللبنانيون جميعا في بنائه باندفاع وتضامن في ظل تكافؤ الفرص وتساوي الجميع افرادا وفئات ومناطق بالحقوق والواجبات ، سياسية كانت أم اقتصادية أم اجتماعية ، لذلك سنسعى لمواصلة العمل حتى تحقيق :

-الغاء الطائفية السياسية التي تشكل مكمن الخلل الجوهري في صيغة النظام السياسي اللبناني وبنيته المجتمعية ، والتي تفرز أغلب مظاهر عدم الاستقرار الداخلي ويشكل على أرضيتها الاضطراب الذي يطبع مؤسسات السلطة وعلاقات الطوائف فيما بينها

   - نظام انتخابي عادل ومتوازن ، يساوي بين اللبنانيين جميعا ويسمح بتمثيل حقيقي ويدفع باتجاه تطوير الواقع السياسي اللبناني ، وذلك عبر اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة مع نظام تمثيل نسبي

   - بناء مؤسسات سياسية حقيقية لا تختزل باشخاص ولا تجوف بهيمنة جهات أو فئات ، ولا توظف لخدمة المحاسيب والازلام ، إن اخطر ما يواجه الدولة ويطيح بمنطقها هو تسييس الادارة وربطها بالولاءات السياسية بعيدا عن معايير الكفاءة والمساواة

   - تطبيع مبدأ اللامركزية الادارية عبر قانون متجانس ومتكافئ يضمن انجاز تقسيمات ادارية قادرة على تحقيق تنمية فاعلة في المناطق المختلفة واحياء المجالس البلدية والاختيارية بما يوفر اشراكا حقيقيا للمجتمع الاهلي في تيسير شؤونه الانمائية والاجتماعية

ثالثا ـ على المستوى الاقتصادي :

سنعمل على ان تتبنى الدولة سياسات اقتصادية تعطى الاولوية لتحقيق التنمية البشرية المتكاملة بدل الاقتصار على سياسات اقتصادية مستوردة لا تلحظ في اولوياتها الخصوصيات الاقتصادية التي افرزتها الحرب وأدت الى ازدياد معدلات الفقر والبطالة وتلاشي الطبقة الوسطى التي تعتبر ميزان العدالة الاقتصادية ، كما سنعمل لتأمين عدالة في توزيع الضرائب والرسوم والاعباء بين المواطنين بحسب امكاناتهم المتاحة

إن المطلوب هو اعادة ترتيب الاولويات الانمائية ودعم قطاعات الصناعة والزراعة والانتاج الحيواني وتربيته وصيد الاسماك وتأمين فرص القروض ومستلزمات الانتاج وحمايته وضمان تصريفه ودعم كل اشكال الانناج الحرفي

إن دور الدولة في العملية الاقتصادية يجب أن يقوم على توفيق دقيق بين ضرورة تفعيل القطاع الخاص وازدهار حركته واستثماراته وبين ضرورة عدم التخلي عن مسؤوليات الدولة ا تجاه المواطنين والمرافق العامة وخصوصا لجهة دعم الصمود في مناطق المواجهة للاحتلال الصهيوني

رابعا ـ على المستوى التربوي والنقابي :

إن المطلب المزمن المتمثل بتعزيز التعليم الرسمي واصلاحه لم ياخذ مجراه التطبيقي بجدية وفاعلية لغاية اليوم ، لذا من الضروري بمكان السعي لتعزيز وتطوير التعليم الرسمي مدرسة ومعلما وادارة ، كما أن تطوير هيكلية التعليم يجب أن يتبع بسياسة تجديد المناهج التعليمية وتحديثها بما يتلائم مع ضرورات العصر ، وانجاز صياغة كتاب التاريخ على اسس موضوعية والعمل على دفع الاهتمام بالتعليم المهني الى الامام مع ضرورة ربطه بحاجات السوق اللبنانية .

إن النهوض بالجامعة اللبنانية مطلب حيوي سنعمل لتحقيقه عبر تحديث برامجها وتوحيد فروع العاصمة والمناطق المحيطة بها وتعزيز فروع الاطراف واحياء منح التخصص ورعاية الطلاب المبدعين ، وتعزيز العمل البحثي بما يخرج عن الاطار التلقيني المعتمد ويسمح بتنمية الطاقات والكفاءات .

إن تعزيز الحركة العمالية والاطر النقابية ضرورة أهلية وسياسية ويجب أن يتم ذلك بعيدا عن سياسات الضغط والتضييق والترهيب التي تمارسها السلطة في الازمات والمحطات المفصلية ن كما أن انصاف المعلمين والاساتذة الجامعيين في تنفيذ مطالبهم المختلفة وبعيدا عن سياسة التسويف والتأجيل خطوة ملحة لاستقرار هذين القطاعين ، لذا يؤكد حزب الله حرصه على البقاء في الموقع الداعم للحركة النقابية ومدها باسباب الدعم والقوة الشعبية والسياسية

خامسا ـ على المستوى الاجتماعي والصحي :

نؤكد على أهمية دور الشباب في بناء وطنهم وضرورة توفير مقومات تعزيز شخصيته وملء أوقاته بانشطة هادفة

-كما أن دور المرأة قائم على اساس أنها النصف الاخر المربي والفاعل والمؤثر في كل الحياة السياسية والتربوية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وعدم التعاطي معها كملحق أو سلع في دائرة الدعاية والاعلان

-تعزيز وصيانة وحدة العائلة التي تشكل المدماك الرئيسي في بناء المجتمع الصالح ، وتوفير كل الظروف التربوية والاجتماعية لتثبيت هذا الاتجاه

-استكمال معالجة قضيتي التجنيس والمهجرين بحيث ينال كل ذي حق حقه في الجنسية ، ويعود كل مهجر الى بيته او قريته عودة عزيزة ، مع ايلاء الرعاية والاهتمام بمهجري الشريط المحتل أولوية خاصة

-        اكمال العمل في تعزيز المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية وتعميمها وتجهيزها لا سيما في الاطراف والمناطق النائية ومناطق الصمود والمقاومة في الجنوب والبقاع الغربي ، وتعميم الاستفادة من الضمان الصحي لتشمل كل قطاعات المجتمع اللبناني

-        تطوير مؤسسات التقديمات الاجتماعية ودعم مؤسسات الرعاية الاجتماعية واعتماد مبدأ ضمان الشيخوخة ، وانشاء المعاهد المتخصصة في معالجة المشاكل والانحرافات الاجتماعية المختلفة

-        ضرورة الاهتمام باصلاح السجون وتطويرها وانشاء الاصلاحيات الخاصة بالاحداث والقاصرين وذلك في كل المحافظات اللبنانية

-        تفعيل التشريعات والمؤسسات التي تعنى بحماية الثروات العامة وحماية البيئة واعتماد سياسة حرجية تعيد التوازن للبيئة اللبنانية وتحميها من خطر التصحر ، وصيانة الثروات المائية ووضع المشاريع لاستثمارها في المناطق اللبنانية كافة وانشاء السدود واستصلاح الاراضي لزيادة المساحات الزراعية

-        وضع الخطط الجدية التي تكفل حلا تدريجيا لازمة السكن في لبنان واعتبار هذا الموضوع احد التحديات التي تواجه المجتمع اللبناني وتترك تداعياتها السلبية على مستويات اجتماعية عديدة

سادسا ـ حماية الحريات العامة :

-العمل بحرص واصرار على صون الحريات العامة ، أي حرية الاعتقاد وحرية العمل النقابي ، وحرية ممارسة الشعائر الدينية والتعليم الديني ، واستكمال عملية تنظيم الاعلام بما لا يمس بالحرية الاعلامية من ناحية ويضمن الحفاظ على الهوية والاخلاق والآداب العامة من ناحية أخرى

سابعا ـ على مستوى سياسة لبنان الخارجية :

-الحرص على صيانة العلاقات اللبنانية ـ السورية بصفتها التطبيق العملي لانتماء لبنان العربي ، ولان هذه العلاقات هي عنصر منعة وتحصين رئيسي للبنان ازاء محاولات استفراده في ظل التحديات الاقليمية ، كما أن السنوات الماضية أكدت أن هذه العلاقة هي عامل استقرار للصيغة اللبنانية القلقة

-العمل على تصليب الموقف اللبناني ازاء سياسات الضغط الامريكي التي تمارس بحقه سياسيا واقتصاديا ، ورفض التدخل الاميركي المستمر في شؤونه الداخلية ، والتعاطي مع السياسة الاميريكية على أساس أنها مطابقة وداعمة لمواقف العدو الاسرائيلي الذي يحتل ارضنا ويقتل اطفالنا ويستهدف قرانا باعتداءاته اليومية المستمرة

-ضرورة اعتماد سياسات جدية وخطط فاعلة للتواصل مع الجاليات اللبنانية في بلاد الاغتراب ورعاية الاطر المنظمة لوجودها وحمايتها من محاولات استهدافها واضعافها وضرب حضورها الاقتصادي كما حصل في اكثر من بلد افريقي ، والعمل بفاعلية ودأب لرد الاعتبار للوجود الاغترابي اللبناني والحؤول دون جعله مكشوفا بلا حماية سياسية أمام التحديات والمؤامرات التي تواجهه

-التأكيد على بناء علاقات طبيعية ومتكافئة مع الدول العربية والاسلامية وسائر دول العالم على قاعدة الاستقلال وتمتين الاواصر التي تساعدنا على مواجهة مخططات الاستكبار الاميركي وتؤمن التعاون الكريم والبناء

ايها الشعب اللبناني العزيز

من موقع التمثيل الشعبي مع ما يعنيه من ابعاد ومسؤوليات شرعية ووطنية واخلاقية ، ومع ادراكنا التام لحجم التعقيدات والعقبات التي يعيشها مجتمعنا اللبناني ،ومقدار الحاجة لمدى زمني بعيد لانجاز كل ما يتطلع اليه شعبنا ، يؤكد حزب الله التزام مرشحيه وبذلهم اقصى الجهود لتنفيذ هذا البرنامج الانتخابي الذي سيشكل اطارا للدور السياسي ـ التشريعي لكتلته النيابية

                                                                                                                                                           والله ولي التوفيق

حزب الله - صيف 1996