التفاصيل
رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله "أن واحدة من المشكلات الكبرى التي نعاني منها جميعا في لبنان هي العقلية الطائفية المذهبية المستشرية، وأن المانع من تحقيق الشعار المرفوع اليوم، والمتمثل بمحاربة ومكافحة الفساد ومواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، هو عدم وجود دولة حقيقية، بل وجود هيكل للدولة، لأن كل الذين ورثونا السلطات المتعاقبة لم ينجزوا لنا هذه الدولة، وإذا كان هناك على فرض محاولة ما للمساءلة أو للمحاسبة، فنصطدم بالعقلية الطائفية والمذهبية، ويصبح الوزير أو المسؤول في الدولة أو الموظف المخطئ أو الفاسد منتمي إلى طائفة ومذهب اللذين يستنفران من أجل الدفاع عنه"، لافتا إلى أن "هناك العديد من الحكام والمسؤولين والوزراء في لبنان قد مارسوا السرقة المكشوفة وغير المكشوفة ولم يحاسبوا لأن العصبيات قد استنفرت، وصار هناك محميات للمفسدين في لبنان".
وشدد فضل الله
خلال رعايته الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله للطلاب الناجحين في الامتحانات
الرسمية في بلدة رامية الجنوبية على أنه "لا يمكننا القول إن الجميع في لبنان
هم فاسدون، وأن كل الأحزاب والسياسيين والمسؤولين والشخصيات والرموز هم متورطون،
فالذين يطلقون شعارات ويحاولون استهداف هذه الجهة أو تلك إنما يرفعون شعارات
سياسية لا علاقة لها بالمطالب المحقة للناس"، مشيرا إلى أن "هناك من
يرفع صوته بحق وصدق وحتى من القوى السياسية، ويطالب بمكافحة الفساد وإصلاح الدولة
والعمل على إنتاج طبقة سياسية تمثل الشعب من خلال قانون انتخابي عادل، ولكننا
نصطدم بالواقع الطائفي والمذهبي الذي نعاني منه جميعا في لبنان".
وقال:
"أننا معنيون جميعا بأن نعمل لبناء دولة حقيقية، لأنه لا يوجد هناك شيء
مستحيل، فعندما تكون هناك إرادة وطنية حقيقية نستطيع أن نواجه الأزمة القائمة وأن
نعمل على بناء الدولة، وأكبر مثال على ذلك أننا قهرنا الجيش الإسرائيلي الذي كانوا
يقولون عنه بأنه الجيش الذي لا يقهر، واستطاعت المقاومة أن تقف في وجه هؤلاء
التكفيريين الذي عاثوا في كل عالمنا العربي والإسلامي فسادا عندما وصلوا إلى
حدودنا في لبنان، ومنعتهم من الدخول إلى بلدنا وحمته من شرهم"، لافتا إلى أن
"هناك من أهلنا وأعزائنا من يطالب حزب الله بأن يكون له دور أساسي على
المستوى الداخلي، ويقول إن الذي هزم إسرائيل والتكفيريين هل صحيح أنه غير قادر على
أن يأتي بالكهرباء وبالمياه وأن يمنع الفساد في هذه الدائرة أو تلك، فهذه المقارنة
خاطئة تماما، لأننا في مواجهة العدو الإسرائيلي والعدو التكفيري نستعمل القوة
والسلاح ونقاتل جميعا ونهزمهما، ولكن في الداخل فإن الوسائل والآليات مختلفة
تماما، فهناك مؤسسات دستورية معنية بالمحاسبة كمجلس النواب ومجلس الوزراء المفترض
أن يقوما بدورهما، ولذلك فنحن في الداخل نتصرف من داخل الآليات الدستورية المعتمدة".
ورأى فضل الله
أنه "من الصعب أن تنجح ثورة شعبية في لبنان لتغيير النظام نتيجة التركيبة
الطائفية"، مشيرا إلى أنه "عندما يصبح هناك إنتخابات نيابية في المستقبل
نرى أن هؤلاء الذين يتظاهرون ويعترضون اليوم هم أنفسهم ينتخبون زعماءهم المنتمين
لطوائفهم ومذاهبهم، وعندها تولد الاصطفافات المذهبية، ونعيد إنتاج الطبقة السياسية
ذاتها، فهذه مشكلة وأزمة نحن ربما على مستوى حزب الله من أكثر القوى التي نعاني
منها، لأن التركيبة والمعادلة والآليات والوسائل مختلفة"، مشددا على
"ضرورة أن نتفهم جميعا وجع الناس، وأن من حق المواطن أن يعبر عن ألمه
وامتعاضه وغضبه في مواجهة الأزمات المستعصية، لكن مع الحفاظ على الاستقرار والأمن
والهدوء وعلى الوحدة الوطنية وعدم المس بأملاك الناس والدولة وبكرامات الآخرين،
فإذا كان البعض يريد أن يحرف هذا الغضب عن مساره، ويسيسه في إطار تصفية حسابات أو
تحقيق مكاسب، فالناس معنية في أن تواجه هذا الأمر وأن تبقي الحركة المطلبية في
إطارها الصحيح، لأن هناك من يدخل على الخط من أجل تحقيق غايات ومكاسب سياسية،
وعندها يحرف المطلب الشعبي المحق عن مساره الصحيح".