التفاصيل
في كلمة خلال اطلاق الحملة الوطنية لدعم الصناعة توقف وزير الصناعة أمام ما وصفه "عالم صناعة الدواء في لبنان"، مشيرا إلى أنه "عالم صناعي حديث ومتطور وتكنولوجي إلى أقصى الحدود، يعمل بإمكانات وقدرات وطاقات بشرية وتقنية متقدمة جدا يوازي عالم الصناعة في أكثر الدول الصناعية تقدما"، موضحا أن "هذا القطاع الوطني مرتبط بشكل وثيق بشراكات وإشراف وشهادة اعتراف من أكبر شركات الدواء المشهورة عالميا".
ولفت إلى "تحديات جوهرية يواجهها القطاع تضاف إلى المشاكل الكبيرة التي تعاني منها سائر القطاعات الانتاجية وأهمها غلاء سعر الأرض الصناعية، وارتفاع كلفة الطاقة، والاغراق، والتهريب، وعدم توفر الحماية والدعم. وهذه التحديات لها بعدان: داخلي وخارجي. وقال: "في الداخل، يوجد تضييق كبير على التعامل مع الدواء اللبناني مقابل اعطاء الأفضلية للدواء الأجنبي المستورد في سوق يستهلك مليارا وثلاثماية مليون دولار ثمن دواء، تترواح حصة مصانع الدواء اللبناني فيه بين 7 % و 10% بأحسن تقدير، أي نحو مئة مليون دولار. وفي الداخل أيضا، إن تسجيل الدواء الأجنبي في لبنان تمهيدا لاعتماده والسماح باستيراده عملية سهلة جدا، بينما تسجيل الدواء اللبناني في الخارج عملية شاقة جدا".
أضاف: "أما في الخارج، فيوجد تضييق كامل على الدواء اللبناني في الدول العربية والأجنبية إذ يصعب كثيرا تسجيل الدواء لاعتماده والسماح بتصديره. والسبب لا يتعلق أبدا بالمواصفات ولا بالجودة: آلاتنا وتجهيزاتنا من الخارج. الصيادلة والكيميائيون والتقنيون اللبنانيون من حملة الشهادات العليا ومن أصحاب الاختصاص والكفاءات. أضف إلى ذلك أن معاملنا تشرف عليها وتراقب انتاجها شركات أجنبية اوروبية واميركية مشهود بمرجعيتها العالمية".
وسأل الحاج حسن: "لماذا إذا هذا الحصار؟ إنه مرتبط فقط بسياسة الدعم والحماية التي تلجأ إليها كل دول العالم وليس معظمها، لا أكثر ولا أقل. ماذا فعلنا للمواجهة؟ أؤكد لكم ان ما قمنا ونقوم به مهم وضروري ولكنه ليس كافيا أبدا. فكلنا نعلم الصلاحيات المحدودة لوزارة الصناعة بدءا من موازنتها الضئيلة إلى تشابك دورها ومهامها مع وزارات وادارات أخرى الأمر الذي يحد من فاعليتها في خدمة الصناعة".
وقال: "رغم ذلك، وضعنا في وزارة الصناعة رؤية تكاملية للقطاع الصناعي حتى العام 2025 وأطلقنا برامج متعددة أهمها استحداث مناطق صناعية جديدة وحديثة. أصدرنا قرارات حمائية في مجلس الوزراء لقطاعات صناعية مهددة رغم تدخلات داخلية وخارجية ممانعة. دعمنا معهد البحوث الصناعية الذي يقوم بدوره الرقابي والبحثي والتطويري إلى أقصى الحدود. نتجه أكثر فأكثر مع مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية إلى فرض الزامية المواصفات. عززنا العلاقات والتنسيق مع جمعية الصناعيين اللبنانيين التي تعمل جاهدة من أجل تقوية التفاعل بين القطاعين العام والخاص. أما على صعيد صناعة الدواء، فقد شجعنا على تأسيس نقابة للقطاع أبصرت النور قبل سنة تقريبا. وإننا ندعمها على مختلف الأصعدة".
أضاف: "لكي لا نخرج صيادلة وكيميائيين وفنيين للتصدير، وكي نستفيد من طاقاتهم ومؤهلاتهم العلمية في لبنان حيث تعتبر مصانع الأدوية المجال الأرحب لتوظيفهم، اقترح على الدولة والحكومة والقطاع الخاص انتهاج سياسة دعم وحماية تؤدي إلى تشجيع أصحاب الرساميل على الاستثمار في هذا القطاع الواعد والقادر على تأمين فرص العمل لطلابنا وشبابنا، إضافة إلى تبني مبدأ المعاملة بالمثل في موضوع تسجيل الأدوية ووضع ضوابط في هذا الإطار، واتخاذ اجراءات لخفض قيمة المستوردات من الدواء، والعمل لرفع حصة الصناعة الدوائية اللبنانية في السوق المحلي، وذلك بالتعاون والتنسيق بين الحكومة وكل الجهات الضامنة الحكومية والخاصة، وعبر اشراك تجار ومستوردي الأدوية في هذه الحملة الوطنية وتحولهم إلى تجار ومصدرين للأدوية اللبنانية إلى الخارج".
وتناول وزير الصناعة صعوبات الشأن الإقتصادي، فأشار إلى أن "النمو في رأي أكثر الاحصاءات تفاؤلا لم يتعد في السنوات الثلاث الماضية الـ 1.5%، كما أن الدين العام يفوق السبعين مليار دولار، فضلا عن ارتفاع عجز الموازنة في لبنان ليصل تقريبا إلى ثلث الناتج المحلي الإجمالي البالغ 51 مليار دولار".
وقال: "ان عجز الميزان التجاري في العام 2016 بلغ 15.7 مليار دولار باستيراد بلغ 18 مليار و700 مليون دولار وتصدير بـ 2.9 مليار دولار، وسط تراجع تدفق الرساميل وارتفاع معدلات البطالة إلى نسب غير مسبوقة وغير معقولة وصلت إلى 35% في صفوف الشباب، واغراق السوق اللبناني ببضائع ومنتجات مدعومة على مستوى الكلفة والشحن في بلاد المنشأ بما يحد من قدراتنا التنافسية في سوقنا المحلي، ووضع معوقات فنية وجمركية وغيرها من الحواجز التجارية تحت تسميات متعددة تعيق تصديرالسلع اللبنانية وتحد من قدراتنا التسويقية في الأسواق الخارجية".
أضاف: "أمام هذه الوقائع المثيرة القلق، أسمح لنفسي أمام هذا الحضور الكريم بالتنبيه إلى خطورة الوضع. وأتمنى على اللجنة الوزارية الاقتصادية التي يترأسها دولة الرئيس الحريري أن تجتمع بأسرع وقت لمناقشة الأمور الاقتصادية العاجلة واقتراح الحلول المناسبة لها. والحلول ليست سحرية وإنما واقعية، تبدأ برسم ووضع رؤية اقتصادية عامة للبلاد تمتد للسنوات الخمس أو العشر المقبلة. والأهم في هذه الرؤية وضع الخطط السريعة لدعم القطاعات الانتاجية وفي مقدمها الصناعة للمساهمة في تحقيق النمو".
وختم: "الوضع صعب ودقيق، ويتطلب تضافر جهود وطاقات جميع المخلصين وما أكثرهم، من أجل وضع لبنان في ظل مظلة أمان اقتصادي واجتماعي تقيه تقلبات الموجات الباردة والعواصف العاتية المحيطة والبعيدة. لن نيأس، وسنعمل جاهدين من أجل رفاهية الشعب اللبناني وصحته وسلامته".