التفاصيل
بعد ثلاثة أشهر من إدراج الاتحاد الاوروبي الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب بدعم فرنسي استقبلت باريس الأسبوع الماضي بكثير من الودّ والاهتمام عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فيّاض كتعبير عن رغبة فرنسية في كسر الجليد الذي تراكم بعد ذلك القرار فوجّهوا الدعوة إلى فياض ومعه عضو تكتل التغيير والإصلاح غسّان مخيبر وعضو كتلة المستقبل سمير الجسر للمشاركة في لقاء عمل عُقد على مدى يومين حول إلغاء عقوبة الإعدام.شارك النواب الثلاثة في اللقاء الذي افتتح في مجلس الشيوخ يوم الأربعاء الماضي واختتم في الجمعية العامة بحضور وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ورئيسة لجنة الخارجية إليزابيث غيغو رئيس البرلمان كلود برتولون ورؤساء اللجان ووزير العدل الفرنسي الذي أدار الجلسة في إطار حملة دولية تقودها باريس لإلغاءالإعدام.
أما اللقاء في مقرّ وزارة الخارجية الفرنسية في منطقة كي دورسيه في باريس مع فريق تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الفرنسية فاقتصر على النائب عن حزب الله علي فياض الذي أكد أنّ القرار الأوروبي بإدراج ما سُمّيَ الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب هو خطأ استراتيجي أوروبي وأنّ حزب الله يرفض التصنيفات الأوروبية له بين جناح عسكري وجناح آخر فقيادة الحزب واحدة وجسمه واحد أيضاً.
وشدّد على «أنّ معيار تدخل حزب الله في سورية هو حماية الاستقرار في لبنان لأنّ الانكفاء كان سيتسبّب بخسائر أكبر وأفدح».
وافق الفرنسيون في اللقاء النائب فياض خشيته وقلقه على الأقليات في الشرق جراء الخطر التكفيري الذي يتهدّد المنطقة والذي يشكل أيضاً تهديداً لوحدة لبنان وأمنه. وهو الذي سأل الفرنسيين ما هي علاقة معلولا بالنظام لكي يقوم المسلحون بغزوها والتنكيل بأهلها؟
لقاء فريق التخطيط المؤلف من خمسة أشخاص كان فرصة للتداول حول الشأنين السوري واللبناني. والنقاشات وفق فياض التقت عند نقطتين: حاجة سورية للحلّ السياسي كحلّ وحيد للخروج من المأزق القائم والثاني أولوية الاستقرار في لبنان.
لقد اتسمت محادثات كي دورسيه مع نائب كتلة الوفاء للمقاومة بحوار صريح وهو الذي زار الخارجية في عام 2008 وعلاقته مع الدبلوماسيين الفرنسيين لم تنقطع.
أبدى كلّ فريق موقفه تجاه الموضوع السوري. وفي تراجع واضح عن لهجة التصعيد والوعيد التي انتهجتها بمطالبتها التي باءت بالفشل بإسقاط النظام السوري وتنحّي الرئيس بشار الأسد الى شرطها عدم ترشح الأسد للانتخابات في عام 2014 أكدت باريس على ضرورة الحوار وشرح الوفد الفرنسي تصوّره للمرحلة الانتقالية في سورية حيث أنهم وبعد العجز المعترف به عن تحقيق مطلب تنحية الرئيس الأسد يطرحون تشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة في إطار مسعى قديم ـ جديد لتقليص صلاحيات الرئيس الأسد في المرحلة المقبلة من خلال إعطاء الحكومة صلاحيات شاملة لا سيما في ملفّيّْ الدفاع والخارجية بتسليمهما إلى الائتلاف السوري المعارض.
في موازاة ذلك أشار فياض إلى أن حزب الله يشجع الحوار السياسي لكنه غير معني بتفاصيله الاجرائية ويشدد على أن الرئيس بشار الأسد جزء من الحل السياسي.
في الشأن اللبناني أشار فريق التخطيط الى انّ فرنسا تقوم بحركة دولية لحماية الاستقرار في لبنان الذي يعتبر أولوية بالنسبة لها و تلعب دور الوساطة بين القوى السياسية في سياق الأزمات اللبنانية الداخلية على غرار الدور الذي اضطلعت به عام 2008.
وأبلغ المسؤولون الخمسة فياض اعتراضهم على تدخل حزب الله في سورية لا سيما في القصير واعتبروا أنّ ذلك التدخل ترك أثراً سلبياً على لبنان إلا أن الردّ من نائب الوفاء للمقاومة كان سريعاً ومن دون جدل: تدخلنا حماية لأمن لبنان واستقراره.
وعلى الرغم من القرار الاوروبي إلا انّ باريس ترغب وفق ما أشار فياض في إعادة فتح نافذة في الموقف الفرنسي الذي ذهب بعيداً في عدائه لحزب الله بعد الأزمة السورية فالزيارة تعكس رغبتها بالانفتاح بعد مؤشرات التحوّل في المشهدين الإقليمي والدولي المتمثل بالاتفاق الروسي ـ الاميركي حول سورية والانفتاح الأميركي الإيراني ولقاء الرئيسين حسن روحاني وفرنسوا هولاند فهل سيُبنى على لقاء «كي دورسيه» في المرحلة المقبلة؟
لا تستطيع فرنسا أن تبقى تغرّد خارج السرب وأن تواصل سياستها الأكثر حدية من الولايات المتحدة الاميركية وهي اليوم تسعى للتحاور ولم يعد بإمكانها الاستمرار في سياسة وزير خارجيتها لوران فابيوس الممسك بالسياسة الخارجية والمعروف بولائه لـ»إسرائيل» هذا فضلاً عن أن الخارجية الفرنسية تخضع لضغوطات خليجية خصوصاً من السعودية وقطر وهي المرتبطة بالكثير من المشاريع المشتركة في قطر والسعودية. وتعلم في الوقت نفسه أنها إذا خسرت سورية فهي ستخسر كلّ شيء في المنطقة ولذلك قرّر هولاند اللحاق بنظيره الاميركي ويبدو وفق متابعين فرنسيين أنّ السياسة الخارجية ستتبدّل ففرنسا تبحث عن مخرج في المنطقة