التفاصيل
لم يعد خافيًا على أحد كمية الدولارات التي تدفعها واشنطن ومعها بعض الأدوات في المنطقة لتشويه صورة المقاومة. ما لم تتمكّن الولايات المتحدة الأميركية جنيه عسكريًا وأمنيًا وسياسيًا تعمل اليوم على جنيه إعلاميًا. طبعًا المسألة ليست جديدة. بالعودة الى الذاكرة، ثمّة تصريح لمساعد وزير الخارجية الأسبق جيفري فيلتمان أمام مجلس الشيوخ الأميركي في 8 حزيران 2010 يشير فيه الى أنّ واشنطن أنفقت نصف مليار دولار لتشويه صورة حزب الله. ولا شك أنّ النصف مليار منذ 11 عامًا بات أضعافًا مضاعفة مع الإنتصارات التي سجّلها حزب الله في المنطقة والمعادلات العسكرية التي أرساها في وجه "إسرائيل" والتكفيريين ومن يدور في هذا الفلك ما جعل الحملة الإعلامية على قدر تداعيات الهزيمة.
وللأسف، فقد انخرط بعض الإعلام اللبناني المأجور قبل سنوات في تلك الحملة حتى ولو كانت قواعد المشاركة تقتضي التخلي عن كل ما يمت للمهنية الإعلامية بصلة. ما نراه في الإعلام اللبناني اليوم لا يصلح للتصنيف سوى في خانة الإبتذال والدونية و"الفاشية". لا يصلح في الأصل لتصنيفه في خانة العمل الإعلامي. ماذا يعني أن يُقدّم بعض الإعلام خدمات على طبق من ذهب لواشنطن ومن خلفها العدو الصهيوني؟. نعم الى هذا الحد وصل بعض الإعلام في تقديم كل ما "يُدغدغ" أحلام الأميركيين والصهاينة ويُرضي طموحاتهم. في تقديم كل ما يُثير الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وفي تنفيذ مشروع أميركي لتشويه صورة حزب أعزّ أمّة وكسر شوكة الصهاينة.
الحاج حسن: بعض وسائل الإعلام تصر على تزوير الحقائق خدمةً لأجندة أميركية
رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النائب الدكتور حسين الحاج حسن يوجز في حديث لموقع "العهد" الإخباري واقع بعض الإعلام اللبناني المتناغم مع المشروع الأميركي الفتنوي في لبنان. يُذكّر الحاج حسن بأنّ الأميركي اعترف في شهادات أمام الكونغرس منها اثنتين على الأقل؛ أولى لجيفري فيلتمان أكّد فيها أنه تم دفع 500 مليون دولار لتشويه صورة حزب الله، وثانية لوكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل التي أعلن فيها عن إنفاق 10 مليار دولار لمحاربة حزب الله وتشويه صورته. وهنا يؤكّد الحاج حسن أنّ جزءًا من هذا المال يُصرف على الإعلام، لذلك نشهد بعض الإعلام البعيد عن الموضوعية والمهنية. إعلام في خدمة هذا المشروع لتشويه صورة الحزب والتحريض عليه خدمةً لأجندة أميركية وهذا لم يعد سرًا -يضيف الحاج حسن- الذي يشير الى الاتهامات المفبركة، الكذب، التضليل، اختراع شهود زور، الدفع نحو الفتنة، الإصرار على اختلاق وتزوير الحقائق من بعض وسائل الاعلام والإعلاميين بعيدًا عن المهنية وبعيدًا عن مدونة السلوك والأخلاقيات الإعلامية، وهذا -برأي الحاج حسن- جزء من الحرب الناعمة التي تشن على المقاومة، فالإعلام جزء من الأدوات التي تستخدم ضد المقاومة ومشروعها خدمة للأجندة الأميركية.
ويلفت الحاج حسن الى إطلالات السفيرة الأميركية المخالفة لكل الأصول الدبلوماسية بأي دولة في العالم. إطلالات منظّمة وممنهجة ومرعية تعرض وجهة النظر الأميركية، فيما يستخدم الإعلام مفردات وصور ومؤثرات صوتية ويختلق أحداث وشهود زور واتهامات خلافًا للمصلحة الوطنية. يستشهد الحاج حسن بما حصل في 4 آب 2020 حين سارع البعض الى توجيه الاتهامات للمقاومة بتخزين أسلحتها في المرفأ فيما كانت جثث الشهداء والجرحى لا تزال على الأرض وقبل أن يُكشف حتى على مسرح الجريمة. وفق عضو كتلة الوفاء للمقاومة، دائمًا ما نرى هذا النمط الواضح أنّه يستهدف المقاومة وخطها عبر التحريض المستمر والاستفادة من أي حادثة لاختلاق الفتن.
من هذا المنطلق، يوضح الحاج حسن أننا عقدنا عدة اجتماعات في لجنة الإعلام والإتصالات النيابية للتنبيه من هذا الأداء -ليس فقط فيما يخص المقاومة وحزب الله- بل في ما يخص أي قضية وطنية وأي حزب وشخصية حتى ولو كانت مع الذين يختلفون مع حزب الله سياسيًا. نحن في لجنة الإعلام والاتصالات دعَونا في أكثر من اجتماع الى اعتماد المهنية والموضوعية بمن فيهم حيال من يخاصمنا في السياسة سواء في الساحة اللبنانية أو العالمية.
حرية الرأي السياسي تختلف كثيرًا عن اختلاق الأحداث
ويشدّد الحاج حسن على أننا لا نقبل بفبركة الأخبار حتى مع أعدائنا بل نورد الحقيقة كما هي، ولذلك ندعو الى الالتزام بمدونة السلوك والأخلاقيات الإعلامية التي تم الاتفاق عليها والتي هي أيضا جزء من قانون الإعلام المرئي والمسموع وقانون الصحافة وتتلخّص مبادئها بالموضوعية، المهنية، المصداقية، الابتعاد عن كل ما يثير الفتن والعصبيات الطائفية والمذهبية والمناطقية والغرائزية، الالتزام بالحقيقة، وحرية الرأي. وهنا يشير الحاج حسن الى أن لا أحد يناقش بحرية الرأي فحرية الرأي السياسي تختلف كثيرًا عن اختلاق الأحداث، وتختلف كثيرًا عن التحريض. ويؤكّد أنّ حرية الرأي لا تعني التحريض واختلاق الروايات والكذب والدفع نحو الفتن. حرية الرأي هي حرية الرأي. وهنا لا يُنكر الحاج حسن أنّ التعبير عن الرأي السياسي مصان ومطلوب وضروري فلا أحد يناقش بحرية الرأي بل نناقش في ضرورة الابتعاد عن كل ما يثير الفتن والغرائز والعصبيات والتضليل والتحريض واستباق نتائج التحقيقات.